تختلف بيئة اليوم اختلافًا كبيرًا عما كانت عليه قبل عقد أو عقدين فقط. لذا، يتعين على قادة المنظمات غير الربحية التكيف والتغيير مع العصر إذا كانوا يأملون في تحقيق رسالتهم، وفي حين لا تزال مقاييس النجاح التقليدية سارية ــ أشياء مثل القدرة المالية، أو عدد التبرعات، أو عدد المستفيدين من الخدمات ــ فإن تعريف النجاح بدأ يتغير.
وعلى نحو مماثل، فإن معنى المنظمة غير الربحية الناجحة والفعالة والعالية الأداء، يتغير باستمرار!
إن بناء منظمة غير ربحية ناجحة وعالية الأداء ليس بالأمر السهل أبدًا، وخاصة في عالم لا يزال يطرح تحديات جديدة، ومع ذلك، تحتاج المنظمات غير الربحية إلى البقاء مستقرة وذات صلة وقادرة على الصمود في مواجهة دورات التخفيضات المتقلبة في الميزانية وتغير مشهد جمع التبرعات، ولتحقيق النجاح الحقيقي، تحتاج المنظمات غير الربحية إلى استقرار مالي وقاعدة متطوعين متحمسين وقيادة ملتزمة وقوية، من بين أمور أخرى، لكن هذه ليست العوامل الوحيدة التي تفصل المنظمات غير الربحية التي بالكاد تحقق النجاح عن تلك التي تحقق ازدهارًا حقيقيًا.
إذا كنت تقوم بتأسيس أو إدارة مؤسسة غير ربحية ، فهناك عدد من السمات الإيجابية التي يمكنك تبنيها لمساعدة مؤسستك على النجاح:
1-مواجه التغيير والمخاطر غير المتوقعة بنجاح مستمر.
2-التعبير عن رسالتها بوضوح.
3-ترسيخ ثقافةً مُوجّهة نحو الرسالة.
4-التركيز على المانحين.
5-التعامل مع التقنيات الرقمية.
6-إحداث تغيير اجتماعي وتمهيد الطريق نحو عالم أفضل.
وتواجه المنظمات غير الربحية بيئة متقلبة تتسم بارتفاع حدة التحديات الاقتصادية وتزايد توقعات أصحاب المصلحة، وبينما تزداد الحاجة إلى الاستدامة، لم يعد كافيًا الاكتفاء بالأساليب التقليدية في التمويل أو الإدارة، بل أصبحت هناك حاجة ماسة إلى التفكير المرن، وتبني ممارسات أكثر احترافية في التعامل مع المتبرعين، والامتثال التنظيمي، والتمويل بالمنح، وإدارة التكاليف، وتنمية الكفاءات البشرية.
وتقف المنظمات غير الربحية اليوم أمام معادلة دقيقة؛ كيف توازن بين رسالتها المجتمعية الأصيلة ومتطلبات العمل الحديثة التي تعيد رسم حدود القيادة والمرونة، فبينما تسعى هذه المنظمات إلى تحقيق رسالتها المجتمعية والإنسانية، تجد نفسها مطالَبة بتبني أنماط عمل جديدة توازن بين الالتزام الأخلاقي والفعالية التشغيلية.
لم تعد ظاهرة الاحتراق الوظيفي مقتصرة على العاملين الميدانيين، بل طالت القيادات العليا نفسها، إذ تشير البيانات إلى أن 95% من مديري المنظمات غير الربحية يشعرون بقلق متزايد من احتراق فرقهم، فيما يعترف أكثر من نصفهم بأنهم يعانون شخصيًا من مستويات أعلى من الإرهاق مقارنة بالسنوات الماضية.
وتتداخل أسباب الاحتراق بين نقص الموارد المالية، وضغط المانحين، وتوقعات المجتمع العالية، والحل لا يكمن في مضاعفة الجهد، بل في إعادة هندسة بيئة العمل لتشمل فترات راحة منتظمة، واعتماد سياسات مرنة للدوام، وبناء ثقافة تنظيمية تعترف بحدود الإنسان النفسية قبل الجسدية.
فالاهتمام بالرفاهية النفسية ليس ترفًا إداريًا، بل استثمار استراتيجي في استدامة القيادة، ويتزايد الوعي في القطاع غير الربحي بضرورة المطالبة بـ تمويل يغطي التكاليف التشغيلية الحقيقية، بما في ذلك الرواتب العادلة، والتدريب، والبنية التحتية التقنية.
فالاعتماد الحصري على تمويل المشاريع فقط يخلق خللاً هيكليًا يدفع المنظمات إلى اتخاذ قرارات قصيرة الأجل لإرضاء الممولين، لذلك، من المهم تثقيف المانحين حول أهمية دعم النفقات التشغيلية بوصفها استثمارًا في جودة الأثر لا عبئًا إداريًا.
وتعرف التكاليف التشغيلية بأنها المصروفات المتعلقة بصيانة وإدارة الأعمال، وتعد أحد مكونات الدخل التشغيلى، وعادة ما تنعكس على بيان دخل الشركة، الذى يقوم بمراجعة المؤشرات المالية العامة مثل إجمالى الإيرادات، وتكاليف البضائع المباعة، وتكاليف التشغيل، وصافي الأرباح.
وتتكون تكاليف التشغيل من مزيج من التكاليف الثابتة؛ مثل مدفوعات الايجار، والمتغيرة؛ مثل الرواتب
والمرافق وحق المواد الخام وقد تشمل التكاليف التشغيلية بعض مكونات تشغيل الأعمال التجارية منها، المحاسبة، والرسوم القانونية،
والرسوم المصرفية، وتكاليف المبيعات والتسويق، وتكاليف الإصلاح والصيانة، ونفقات البحث والتطوير غير المرسملة، ونفقات المرافق العامة، ومصاريف الرواتب والأجور.
تختلف تكاليف التشغيل عن النفقات التشغيلية، إذ تعد نفقات التشغيل ٬ جزءا من تكاليف التشغيل.
يمكن حساب تكاليف التشغيل بمعادلة بسيطة على
النحو التالى:
تكاليف التشغيل= تكلفة الخدمة + نفقات التشغيل
يجب أن تحدد الشركة أو أي نشاط تجاري تكاليف التشغيل المطلوبة للتأكد من تسعير المنتجات أو الخدمات على الوجه الصحيح لتوليد إيرادات كافية لتغطية جميع النفقات
التحدي الحقيقي هو تحويل المرونة من “سياسة مكتوبة” إلى ثقافة تنظيمية راسخة، تُدار بالثقة والمساءلة وليس بالمراقبة، ويتطلب ذلك إعادة تصميم العمليات التشغيلية، وتدريب القادة على إدارة الفرق عن بُعد، واستخدام التكنولوجيا لضمان التواصل والفعالية دون الوقوع في فخ العمل الدائم.
تعمل الشراكات مع التعاونيات الاجتماعية على خلق تمويل يمنح فرصًا مع تصاعد ضغوط التمويل، حيث بدأت المنظمات غير الربحية في بناء شراكات استراتيجية مع التعاونيات الاجتماعية، التي تجمع بين الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية، وفي هذا النموذج، لا يكون المستفيد متلقيًا فقط، بل شريكًا في العملية الإنتاجية.
تساعد هذه الشراكات في خلق فرص عمل للفئات الهشة، وبناء قدراتها الاقتصادية، وتعزيز استقلاليتها، كما أنها تجذب المانحين الباحثين عن نماذج استدامة قائمة على الأثر طويل المدى بدل الحلول المؤقتة.